وفي ظل هذه التفاعلات السياسية والجيوبولوتيكية الدائرة في منطقة الخليج العربي بدات ايران في تطبيق استراتيجيتها الخاصة بالخليج العربي من خلال مجموعة ادوار عكست سياستها الخارجية وهذه الادوار هي :
اولا : الدور السياسي ؛ و قد سبق و تناولنا هذا المحور و يمكن ان تطلع عليه من هنا
ثانيا : الدور الاقتصادي :-
لاشك إن العلاقات الاقتصادية جزء من العلاقات السياسية ،
وانفتاح العلاقات السياسية يعني تنامي الحركة التجارية والاقتصادية مع الدول المتجاورة
، ولكن توتر العلاقات يؤدي إلى الركود الاقتصادي
والقطيعة التي لا يحقق منها طرفي
التوتر او الدولتين أية فائدة سوى بعض الاعتبارات التي تنسجم مع سياسة الدولة تجاه
بعض الدول .
ويمثل الوطن العربي
بشكل عام والخليج العربي بشكل خاص مع ايران حضارتين موغلتين في القدم والرقي ،
وتاريخا من الصراع الدموي وهما يملكان حاليا موارد طبيعية
كثيرة وعدد سكان كبير مما يؤهلهما لبناء اقتصادي قوي متكتل اذا ما رفعا اسباب
الخلافات الجوهرية .
ان الأهمية
الجيواقتصادية لايران تكمن في موقعها الإستراتيجي المشرف على احد اهم المضايق
العالمية الا وهو مضيق هرمز خريطة رقم (2) والذي يسمى بـ (المضيق الاستراتيجي ) و(
صمام الأمان ) و (الممر الدولي للنفط) و(شريان الطاقة) (38) .
وكان هذا المضيق
الاستراتيجي احد اهم الاسباب التي دعت ايران الى احتلال الجزر الاماراتية الثلاث
التي تقع في مدخل مضيق هرمز ، انظر خريطة رقم ( 2 ) وطبقا لاستراتيجية ايران فان
احتلال الجزر يساعد على حفظ امن الخليج من
خلال عدم السماح لاي قوى ان تفرض سيطرتها على ممر الملاحة الدولية في مضيق هرمز
وبالتالي ضمان تدفق النفط الى دول العالم (39) .
وقد اتخذت ايران من
حادثة الباخرة ( كورال سي) التي تعرضت للقصف في مضيق باب المندب عندما كانت تنقل
نفطا ايرانيا وهي في طريقها الى ميناء ( ايلات) في فلسطين المحتلة وطالبت ايران
الدول الكبرى بعدم ترك الممرات المائية الاستراتيجية بيد انظمة غير مسؤولة لانها
تهدد التجارة الدولية (40) .
نلاحظ ان هذه الذرائع الايرانية لا تستند الى اسس تاريخية
وقانونية بل وحتى عسكرية ، لان الدول العربية الخليجية عامة ودولة الامارات خاصة
دول مسالمة ومنفتحة وليس لديها أي طموحات عسكرية او توسعية تجاه جيرانها بل ان
استراتيجيتها العامة تتلخص بتنمية التجارة والاقتصاد ومد جسور العلاقات المتكافئة
والابتعاد عن مبدا حمل السلاح ، وهي ليست دول منظمات بل هي ذات حكومات مستقرة
وصاحبة راي مستقل ولا يمكن ان تقطع او تهدد طرق التجارة الدولية او تحديدا تجارة
النفط عبر مضيق هرمز .
ان المتتبع للعلاقات
الايرانية الخليجية يلاحظ انها شهدت في السنوات العشرة الاخيرة (1991-2001) تطورا
ملحوظا لاسيما في النواحي الاقتصادية، بل انها شهدت نقلة نوعية بعد حرب الخليج
الثانية عام 1991 .
وفيما يخص التبادل التجاري فان صادرات دول الخليج الى ايران
بلغت في عام (1990) نحو(1146,7) مليون دولار وتشكل ( 86,2%) من قيمة الصادرات
العربية الى ايران ، ولكنها انخفضت في عام (1997) الى (667,4) مليون دولار بسبب
انخفاض صادرات دولـة
الامارات والناجمة عن
التوتر السياسي الناتج عن استمرار الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية وصدور بعض
التصريحات المتشددة من لدن المسؤولين الايرانيين علما ان دولة الامارات تاتي
في مقدمة الدول الخليجية من حيث التبادل التجاري مع ايران (41)
، جدول رقم (4) اما في عام 1999 فقد ارتفعت قيمة الصادرات الخليجية الى ايران
لتبلغ نحو (647) مليون دولار .
جدول رقم (4)
تطور صادرات دول الخليج العربي الى ايران للمدة
(1990-1999) * مليون دولار
الدولة
|
1990
|
1991
|
1992
|
1993
|
1994
|
الامارات
|
883
|
1273
|
1444
|
1018
|
588
|
السعودية
|
7
|
73
|
290
|
247
|
207
|
البحرين
|
6
|
26.4
|
24.8
|
34.2
|
171.8
|
قطر
|
19.7
|
52.4
|
24.5
|
31.3
|
5.4
|
الكويت
|
57
|
29
|
55
|
6
|
4
|
عمان
|
174
|
-
|
-
|
0.9
|
0.2
|
المجموع
|
1146.7
|
1453.8
|
1838.3
|
1337.4
|
976.4
|
الدولة
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
الامارات
|
401
|
430
|
456
|
500.7
|
577
|
السعودية
|
158
|
70
|
74
|
31.7
|
39.5
|
البحرين
|
54.3
|
117.2
|
133.6
|
54.8
|
27.8
|
قطر
|
1.2
|
4.3
|
2.5
|
1.80
|
2.4
|
الكويت
|
5
|
3
|
-
|
-
|
-
|
عمان
|
2.7
|
1.2
|
1.3
|
0.09
|
0.12
|
المجموع
|
622.2
|
625.7
|
667.4
|
589.4
|
647
|
المصدر :
صندوق النقد العربي ، التجارة
الخارجية للدول العربية (1988-1998) العدد (17) ، ابو ظبي ، 1999 ص54-167 .
صندوق النقد العربي ، التجارة الخارجية للدول
العربية 1989-1999 العدد(18) ابو ظبي ، 2000، ص54-167 .
نبيل جعفر عبد الرضا ، التجارة بين
الوطن العربي وايران ، مجلة دراسات ايرانية العدد(3-4) ، جامعة البصرة ، 2005 ، ص7
.
وبالنسبة للتركيب السلعي للصادرات العربية الخليجية باتجاه ايران فهي تتضمن منتجات الصناعة
البتروكيميائية والمنتجات النفطية المكررة ومنتجات الصناعة الكيمياوية وبعض السلع
الصناعية التقليدية .
اما صادرات ايران
للدول العربية الخليجية فهي ايضا مرهونة بحجم العلاقات السياسية فقد بلغت قيمة
صادرات ايران اتجاه الدول الخليجية نحو (196.2) مليون دولار لكنها ارتفعت في
السنوات الاخيرة حتى بلغت في عام (1999) نحو (746.4) مليون دولار ، جدول رقم (5).
وتتكون الصادرات الايرانية لدول الخليج العربي من الحيوانات
الحية ومنتجاتها الزيوت النباتية
والدهون والمنتجات المعدنية والمصنوعات الجلدية واللدائن البلاستيكية فضلا عن
الالات ومعدات النقل .
جدول رقم (5)
تطور صادرات إيران إلى دول الخليج العربي للمدة
(1990-1999) *مليون دولار
الدولة
|
1990
|
1991
|
1992
|
1993
|
1994
|
الامارات
|
169
|
219
|
224
|
248
|
272
|
السعودية
|
-
|
1
|
9
|
35
|
71
|
البحرين
|
7,7
|
19,1
|
24,8
|
28,6
|
29,9
|
قطر
|
7,4
|
14,2
|
17,3
|
15,6
|
23,7
|
الكويت
|
12
|
15
|
38
|
70
|
88
|
عمان
|
0.1
|
0.3
|
1.2
|
2.5
|
9.5
|
المجموع
|
196,2
|
268,6
|
314,3
|
399,7
|
494
|
الدولة
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
الامارات
|
269
|
308
|
326
|
635
|
676
|
السعودية
|
60
|
59
|
62
|
43,3
|
40,4
|
البحرين
|
8,1
|
4,6
|
5,3
|
17
|
14,1
|
قطر
|
14,7
|
10,2
|
10,8
|
9,8
|
12,9
|
الكويت
|
64
|
40
|
-
|
-
|
-
|
عمان
|
30.7
|
6.7
|
7.1
|
3.4
|
2.8
|
المجموع
|
446
|
428,5
|
411,2
|
709,4
|
746,4
|
المصدر :
صندوق النقد العربي ، التجارة
الخارجية للدول العربية 1988-1998 ، العدد(17) ابو ظبي 1999 ، ص54-167 .
صندوق النقد العربي ، التجارة الخارجية للدول
العربية 1989-1999 العدد (18) ، ابو ظبي ،
2000 ، 54-167 .
نستنتج من ذلك ان السنوات التي تلت حرب الخليج الثانية وتحرير
الكويت عام (1991) قد شهدت تطورات
ملحوظة على صعيد العلاقات الخليجية – الايرانية ، وخاصة في زمن الرئيس الايراني
هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي من خلال اتباعهم سياسة تقوم على الانفتاح والحوار مع
دول الجوار الاقليمي ، لكن النظام السياسي في ايران بشكل عام يجد من تغلغل النفوذ
الاجنبي في الخليج على انه قيود تفرض على العلاقات الايرانية – الخليجية ، اذ ان
هنالك تخوف من الانفتاح السياسي والاقتصادي بين هذه الدول المتجاورة بسبب التدخل
الاجنبي وملاءاته من جهه وايمان العرب
بعدم سلامة نوايا ايران اتجاهها بسبب الارث التاريخي المثقل بالصراعات الدموية من
جهه اخرى .
يتضح لنا ان اهمية
الدور الاقتصادي الايراني في منطقة الخليج العربي لا تاتي من حجم التبادل التجاري
بينهما وبين الدول الخليجية ، بل انها تاتي من سيطرة ايران على بوابة الخليج
العربي الجنوبية المتمثلة بمضيق هرمز ، فضلا عن سيطرتها على الجزر العربية من
المضيق ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى ) وبالتالي تمتلك ايران اهمية
جيواقتصادية تمكنها من التحكم بصادرات وواردات الدول العربية
الخليجية وخاصة النفطية ، ومن هنا ياتي (الخطر الايراني) كونها تسيطر على شريان
الطاقة او المضيق الاستراتيجي الذي تمر من خلاله تجارة العرب النفطية، يوازي ذلك
ماتمثله اسرائيل من تهديد للأمن العربي السياسي والعسكري والاقتصادي من خلال تعاظم
نفوذها في مياه البحر الاحمرالذي تمر فيه معظم تجارة النفط العربية مما يتطلب حلول
ترقى الى مستوى وحجم التهديدات .
تعليقات: 0
إرسال تعليق