-->

الوطن العربي ومستقبل أسود

وليد عبد الحي


تكاتفت العوامل الداخلية والخارجية في تشكيل ومسار "الربيع العربي" او الاضطراب السياسي العربي منذ نهاية 2010 وحتى الآن.، وثار الجدل حول اسبابه واستمراره ، وقد عملت –وما زلت- على تحديد وزن العوامل الداخلية والخارجية في هذا الربيع مستفيدا من النماذج الرياضية الخاصة بمثل هذه القياسات( والتي لا اريد اقحام القارئ في تعقيداتها)، كما لا أزعم اني اقوم هنا بدور " جهينة" فليس لدي الخبر اليقين، ولكني متمسك بما اعتقد انه تحليل علمي..وقد لا يكون ..بل هذا ما اتمناه...بل واتمنى ان لا نفكر من خلال " معلومات محدودة" أو غرائز آيديولوجية او نزق الانتماء التنظيمي، واتمنى ان أجد من يثبت عدم صحة القياس ولكن " بقياس " مقابل.
أولا: الاتجاه العام للنزاعات الداخلية في النظام الدولي:
وقعت في العالم منذ 1945 الى 1990( مرحلة ما سمي بالثنائية القطبية) ما مجموعه 108 حروب أهلية، أي بمعدل 2,4 حروب اهلية في العام، وفي الفترة من 1990 الى 2015 وقعت في العالم 55 حربا اهلية، أي بمعدل 2,2 حرب اهلية سنويا، ذلك يعني ان معدل الحروب الأهلية شبه ثابت سنويا مع ميل للتراجع بنسبة جد قليلة. لكن الملفت للنظر أن معدل الحروب الاهلية التي شارك فيها ما يسمى الحركات الجهادية الاسلامية(بطيفها الواسع) ارتفع من 5% عام 1990 الى 40% عام 2015، أي ثمانية اضعاف.
ومن بين الحروب الأهلية ال 55 (بين 1990 و2015) حدث تدخل خارجي واضح في 35 منها(أي بنسبة تفوق 64%)، وهو ما يعني ان السمة العامة للحروب الاهلية من حيث التدخل الخارجي بقيت على حالها ، فالحروب الاهلية ال 108(بين 1945-1990) عرفت تدخلا خارجيا فيها في 105 حالات(أي بنسبة 64,49%)،أي هي ذاتها.
السمة الأخرى هي ان معدل السنوات لاستمرار الحروب الاهلية هي 4,56 سنة للحرب، ولكن إذا صنفنا الحروب الاهلية الي نوعين : محلية بدون تدخل خارجي فإن معدل العمر للحرب الاهلية هو 1,5 سنة، ولكن معدل الحروب التي جرى فيها تدخل خارجي كان 9,12 سنة، ذلك يعني ان هناك علاقة قوية بين حجم التدخل وبين طول الفترة الزمنية للحرب، ويتبين من القياس ان السنة الأولى بعد 4,56 (المعدل) تعني ان نسبة التأثير الخارجي على استمرار الحرب هو 40% في السنة الاولى (بعد 4,56) و 30% السنة الثانية، و20% للسنة الثالثة و 10% للسنة الرابعة وما بعدها.
ثانيا: العلاقة بين مدة النزاع وبين طول الصراع: يتبين من النزاعات ال 163 نزاعا أهليا (من 1945-2015) أن النزاعات حسب النتيجة كانت على النحو التالي:
أ‌- اقصر النزاعات هي التي انتصرت فيها الحكومة القائمة .
ب‌- تأتي في المرتبة الثانية في قصر عمر الحرب النزاعات التي ينتصر فيها الثوار(أي ان انتصار الحكومات اسرع زمنيا من انتصار الثوار)
ت‌- اطول النزاعات هي التي تاخذ طابع التفاوض والحرب في آن واحد.
ثالثا: عوامل نشوب النزاع: طبقا للمؤشرات المتوفرة عن ال 163 حربا اهلية، يتبين أن:
1-
التنوع الديني والعرقي كان هو الأوضح في 67 حالة
2-
الطغيان السياسي كان هو الأوضح في 42 حالة
3-
الفقر وسوء توزيع الدخل كان هو الأوضح في 19 حالة
4-
يجمع بين صفتين او أكثر مما سبق 35 حالة.
رابعا: الربيع العربي: بناء على المؤشرات السابقة والاتجاهات الاعظم ، ودون دخول في التفاصيل التي سيتم نشرها لاحقا وقريبا ، تبين لي بالقياس أن(خلاصة ل47 جدولا) :
1-
وزن التدخل الخارجي ( السياسي والعسكري والمالي والبشري) شكل 42% من الانفجار العربي على النحو التالي:
أ‌- 13% في بداية النزاع
ب‌- 29% في الاستمرار
2-
وزن العوامل الداخلية شكلت 58% موزعة على النحو التالي:
أ‌- التنوع الديني والعرقي 17%
ب‌- الطغيان السياسي 27%
ت‌- الفقر وسوء توزيع الدخل 14%
خامسا: في حالات التدخل الخارجي يلاحظ ما يلي:
1-
أضعف حالات التدخل الخارجي وضوحا كانت في تونس ثم مصر، حيث كان التدخل الخارجي بادوات ناعمة.
2-
تأتي اليمن في المرتبة الثانية في حالة التدخل الخارجي في البداية ثم ازداد التدخل الخارجي وضوحا مع استمرار النزاع
3-
حالات التدخل لصالح طرفي النزاع كانت الأكثر وضوحا في سوريا والعراق
4-
أشد حالات التدخل لصالح المعارضة فقط كانت في ليبيا.
الخلاصة: لما كان وزن العامل الخارجي واضحا في الربيع العربي، ولما كانت معطيات البيئة الداخلية ناضجة للانفجار، فإن المعطيات الأولى تشير لما يلي:
1-
لن يستقر الوضع العربي قبل عام 2022
2-
احتمالات تنقل الاضطراب لدول عربية أخرى يتراوح بين 40-50%
3-
احتمالات تزايد القواعد العسكرية الاجنبية في الدول العربية لا تقل عن 75%
4-
ستكون الحركات الدينية في اضعف حالاتها في عام 2020-2022
5-
اما الموضوع الفلسطيني (واسرائيل فلهذا بحث آخر لن اتناوله الآن رغم أني اشرت له في مناسبات سابقة ولو على عجل).
سأكون أكثر الناس سعادة إذا تمكن السياسيون العرب من إثبات خطأ توقعاتي...واتمنى ان تساعدوهم على إثبات "عقم " نظرتي...ولكم ولهم الشكر.


جديد قسم : وليد عبدالحي

إرسال تعليق