-->

الجماهير لا تجامل، ولا تمنح صرختها إلا لهدف واضح.


كنت أدون بعض الملاحظات حول أسباب نهوض الأمم … أتحدث مع كتبي ودراساتي .. وأسأل عظماء التاريخ عن أحلام صاغوها واقعًا … أطللت من النافذة لأختلس شيئًا من الراحة..تعجبت!! الشوارع مجدبة من المارة!! تذكرت، فثمة مباراة كرة قدم احتشد لها الناس.
وبينما أنا مستغرق في القراءة والتدوين إذا بصرخة ترج المدينة … (جووول) … كان صوتًا مدويًا أعلنته الجماهير في الاستاد، والمشاهدون في البيوت والمقاهي والنوادي وفي كل مكان، هتاف واحد .. في وقت واحد .. وكلمة واحدة .. جووول.
تعجبت لهذا السلوك الجمعي المنضبط الذي لم يتخلف عنه أحد .. وتساءلت عن سر الإجماع، ووحدة الهتاف!! كثيرا ما تجاهلت مباريات كرة القدم، لكن هذا التوحد المعلن بشكل صريح أسرني، فانضممت للمشاهدين عبر شاشات التلفاز..
شاهدت إعادة الهدف .. اهتزت الشبكة طرباً، وأطلق الجمهور صيحته ليبدأ عقلي يطلق كامن الأفكار
الفكرة الأولى: إن كلمة Goal التي صرخ بها الجمهور تعني الهدف، أي أن الناس كانت تجمع على أن هناك هدفا حققه فريق ما.
الفكرة الثاتية: هذا الهدف محدد جدًا فإطاره “الثلاث خشبات”، وإذا لامست الكرة الخشبة وارتدت فلا خلاف على عدم تسجيل الهدف، والقضية لا تحتاج إلى إقناع.
الفكرة الثالثة: إذا ارتجت الشبكة بعد اختراق الكرة لها، فإن الهدف هنا محقق لا شك فيه.
الفكرة الرابعة: الهدف يعترف به الفريق المُسدٍّد والخصم والجمهور ولا يتشكك فيه أحد، اللهم إلا في الحالات التي يتم فيها مخالفة القواعد أو تكون الكرة على خط المرمى فيُشك في كونها حققت هدفًا أم لا.
الفكرة الخامسة .. السادسة .. السابعة … أفكار كثيرة تدفقت ليجري قلمي على بساط ملعب التدوين، وجدت في لعبة كرة القدم عجبًا، فليس بالضرورة أن من بذل جهدًا أكبر هو الذي سيفوز، ولا يوجد ضمان بحتمية انتصار من دافع عن مرماه بجسارة .. لكنه قد لا يُهزم، وليس من صوَّب كرات كثيرة لابد أن ينال تصفيق الجمهور، بل قد يصب عليه وابل اللعنات إن كان معظمها يتجاوز الثلاث خشبات، فالجماهير  لا تجامل، ولا تمنح صرختها إلا لهدف واضح. إن الفريق الذي سيفوز بالجمهور هو من استطاع تحديد الثلاث خشبات، ثم تمكن من التسديد السليم ليجبر المشاهدين على الصراخ “جووول” … إما صرخة نصر المؤيدين، أو صرخة انكسار مؤيدي الفريق المنافس.
وجدت أن محاولة استبدال الثلاث خشبات بأشياء أخرى لجذب المشجعين أمر عديم الفائدة، فاستعراض المهارات في الملعب يسعد الجمهور، لكنه لا يخدعه لأن السؤال الأساسي بعد انتهاء المباراة “من الفائز؟
إن الدور الأول لقادة النهضة هو تعريف الهدف بدقة ورسم حدوده بوضوح، حتى يمكن تقييم الممارسات المبذولة للوصول إليه، وإذا حدث ذلك يوشك في يوم ما أن نسمع هذا الإجماع “جووول” حتى من خضومنا.



جديد قسم : الرأي العام

إرسال تعليق