ولكن ما
لا أطيقه بنفس الدرجة من التسامح هو أن يدخل على الخط بيننا غريب ذو أغراض خبيثة،
وتحديدا انجليزي، فيربت على كتف غلامنا، ويقول له "عفارم"،
و"برافو"، ويكيل له كل أنواع المديح لأنه يقول عنا أنا مقملون وروائحنا
نتنة. هذا الانجليزي المثير للقرف يظن أنا نجهل تاريخه مع القمل، والشعاثة، والقرف.*
لو كنت
أتكلم عن الانجليز في زمن الوساخة السياسية لذكّرته بمقولة "لو أن سمكتين في
البحر تخاصمتا أعرف أن بريطانيا وراء الخصومة". ليس عربيا من قال هذا، بل
هنديٌ على قدر عال من الحكمة، والنزاهة، والمعرفة - المهاتما غاندي. وطالما أن من
يقول ذلك هو غاندي، فنحن لا نحتاج إلى إجراء دراسات وبحوث لنتاكد من صحة المقولة،
واعتبارها قاعدة. بريطانيا هي منبت الخبث، والتآمر على العالم، والجشع، وانعدام
الأخلاق، والعيش على نهب خيرات الشعوب من مصر إلى الهند. يولد الانجليزي وهو خبيث
وخنيث بطبيعته (by
nature)، وقدره أن
يتآمر على الشعوب، ويتفنن في تقسيم أرضها وتفريقها شيعا وأحزابا ليحكمها بمبدأ
"فرّق تسد"
(divide and rule)،
وينهب خيراتها. وساختهم السياسية معروفة لكل العالم، فخبثهم وصل حتى جزر
الفولكلاند قرب الأرجنتين. أقصى ما نستطيع أن نفعله كي نكون منصفين تجاه بعض
الانجليز هو أن نفترض أن لكل قاعدة شواذا. شخصيا، عندما أتعرف على انجليزي أفترض،
لحسن النية البدوية، أنه ربما يكون استثناءً من القاعدة، ولكن لا أرفع أبدا مستوى
توقعاتي لأني أعرف تاريخ هؤلاء الهمج منذ غزاهم يوليوس قيصر قبل الميلاد، ووجدهم
قوما من الشعثين القذرين المتخلفين الذين يعيشون مثل الدواب. اشمأز منهم القيصر
الروماني، واستنكف حتى من اتخاذهم عبيدا، لأنه عرف أن تعليمهم الاغتسال سيأخذ منه
ألف سنة، ولكن لم يفته أن يلاحظ أن القذارة، والشعاثة على وجوه فتياتهم وعلى
أجسادهن لا تخفي كونهن جميلات، ويستحقن تعلم الاستحمام. والانجليز ما يزالون
يفخرون بأن يوليوس قيصر قال عن فتياتهم "they are not engles; they are angles". لهذا
أترك الحديث عن وساختهم السياسية لغاندي، والتفت إلى تاريخ شعاثتهم، فالأولى بنا
في هذا السياق أن نتحدث عن وساختهم وقذارتهم البدنية.
يوليوس
قيصر كان على حق، فتلك الشعاثة والوساخة فيهم لم تتغير حتى بعد ألف سنة من غزوه
لهم، فحين كان العرب البدو، بعد أكثر من ألف سنة، ينيرون بحضارتهم مدن الأندلس،
كان الانجليز، ليس الشعب فقط، بل وملوكهم أيضا، ما يزالون على حالهم المزرية، حتى
أن رسل ملوكهم إلى خلفاء الأندلس لم يكن يُسمح لهم بمقابلة الخليفة قبل أخذهم إلى
الحمام، وتغيير ملابسهم، ورش العطور عليهم لأن الوساخة كانت قد استقرت في نخاع
عظامهم. وخلفاء الأندلس رفضوا قطعيا عروض ملوكهم الدخول في الإسلام مقابل حمايتهم
من الاسبان والفرنسيين والفايكينكز. وكان السبب الأول في رفض إسلامهم هو كونهم
شعثين قذرين، ويعيشون مثل البهائم، بينما البدو علمهم دينهم أن يكونوا نظيفين لأن
الإسلام نظيف. هل هناك دين غير الإسلام يفرض على أتباعه تنظيف أنفسهم من سمت الرأس
إلى أخمص القدمين خمس مرات في اليوم؟ الانجليزي يتباهى اليوم، في القرن الواحد
والعشرين، بأنه يأخذ دوشا كل صباح، ونحن تعودنا أن نفعل ذلك خمس مرات في اليوم منذ
القرن السابع.
عن طريق
الأندلس انسلّت مفردات النظافة والغسل إلى اللغة الانجليزية الحديثة، لأن
الانجليزية القديمة والوسطى لم تكن فيهما مفردات للغسل أو النظافة، ولم يكن
المتكلمون بها يميزون بين الوسخ والنظيف. ومن بدو الأندلس تعلم الانجليز مفهوم
"ملابس داخلية" (يعني كلسون)، وحين وصل المفهوم بعد ردح من الزمن إلى
بلاط ملكتهم إليزابيث الأولى - في القرن السادس عشر - أعجبت بالفكرة، وقررت أن
تلبس كلسونا، لكنها لم تلبس طوال حكمها (خمس وأربعين سنة) غير كلسون واحد، نفس
الكلسون، ولم تغسله طوال تلك الفترة. واليوم يربّت واحد من أحفاد من علّمْنا
ملكاتهم لبس الكلسون على كتف من يقول عن البدو أنهم كانوا مقملين وروائحم نتنة،
ويصيح "برافو أيها الحداثي المتحضر". سبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا
بالله. متى وأين عرف غيرنا في العالم جحودا مثل هذا؟
ثم ماذا
يفعل انجليزي شعث على موقع الكتروني عربي، ويوزع البرافو والعفارم بكل سخاء يمنة
ويسرة؟ وماذا يريد بتشجيعه شتم البدو؟ إنه يبحث عمن يكرهون العرب والإسلام ليجندهم
في جيش الإرهاب الصهيوني - هذا ديدن الانجليزي الوسخ سياسيا فهو يتصيد في الماء
العكر، إذ إن عقليته مجبولة بالفطرة على مبدأ "فرق تسد". ولا ريب في أنه
يجد ضالته من بين شذاذ الآفاق الذين أعمى الحقد بصائرهم. هؤلاء يعرفون جيدا أن
كلاب البدو أنظف من زعماء انجليز مثل توني بلير، ومارجريت تاتشر، وكاميرون،
وغيرهم. أقول له "لماذا يا هذا لا تعطي العاطل عن العمل عملا يدر عليه بضعة
قروش بدلا من التربيت على كتفه لسفاهته؟ أنت تغدق عليه عملة العفارم والبرافو،
ولكن في أي سوق يمكن أن يصرف هذه العملة التي لا تسمن، ولا تغني من جوع؟"
أعرف أنكم لن تفعلوا ذلك لأنكم أصلا تعيشون على نهب خيرات الشعوب، فكيف يخرج من
جيبكم قرش أو مليم؟ لو كنتَ مسلما لعرفت مفهوم "الصدقات"، ولكن من أين
لك أن تعرف ذلك وأنت سليل اللصوص الذين نهبوا خيرات شعوب العالم في القرون الخمسة
الماضية. ثم تأتي وتصفق لمن يتقيأ كلاما عن غزوات البدو التنويريين قبل أربعة عشر
قرنا؛ أولئك البدو الذين علموا ملوك أجدادك الأبعدين منا لبس الكلاسين .. فتخيل
ماذا علموا حفاة الأقربين منا وعراتهم!
عندنا
كلمتان إضافيتان عن البدو لهذا الانجليزي الذي لا يعرف قصة كلسون الملكة
الانجليزية المفخرة، إليزابيث. هل تعرف يا هذا لورنس العرب الذي كان أول بضاعة
تصدرها بريطانيا إلى الجزيرة العربية؟ بئس البضاعة! ماذا كان البدو يطلقون عليه من
تسمية؟ لا تعرف؟ أنا أقولها لك. كانوا يسمونه "المسكين". لماذا؟ لأنه لم
يكن يترك بدويا واحدا إلا ويتوسل إليه أن ......؟ لا بأس، فلله في خلقه شؤون.
ولكنْ، كانت أخلاق البدو لا تسمح لهم بذلك، ولو أنهم نزلوا إلى مستواه الأخلاقي
لما كان لينجز شيئا لبريطانيا العظمى، إذ كان سيبقى مستلقيا على وجهه تطؤه قوافل
من البدو لها أول وليس لها آخر. أنت، يا ابن العم سام، لورنس جدك، وتتجاسر الآن
على البدو الذين أبت أخلاقهم، وهم في صحراء قاحلة فيها من الجنس وحشة، أن يرووا
ضمأه إلى فحولة البدو، فعاد إلى لندن وفي قلبه حسرة .
أقول لك
كلمة أخرى عن البدو وعن الإسلام. أنت تقرأ الاحصائيات عن النساء الانجليزيات
اللواتي يتركن المسيحية ويدخلن في الإسلام، أليس كذلك؟ أنت وأنا نعرف أن الأغلبية
العظمى منهن يصح عليهن قول الشاعر العربي قديما "ما زاد حنون في الإسلام
خردلة، ولا النصارى ضرهم إسلام حنون"، فهن لا يميزن بين المسيحية والإسلام في
شيء. ماذا يدفعهن إلى الإسلام، إذن؟ لا شيء غير التوق إلى فحولة العربي البدوي،
فدخول الإسلام هو الطريق إلى الفردوس المفقود، وبعضهن عشقا للحياة في دفء أسرة
عربية. لا غرابة، فأنتم حتى رجالكم كانوا يتوقون إلى تذوق فحولة البدوي بحيث ذهب
لورنس من انجلترا إلى الصحراء العربية من أجلها. أنت تطرب عندما يكتب عاطل عن
العمل مأزوم أن البدو مقملون، وروائحهم نتنة. ها ها. ما أدراه وما أدراك؟ هناك من
هن أدرى منكما. سل الانجليزيات فعندهن الخبر اليقين.
الإسلام،
أيها الغبي، ربما انتشر بين الرجال أحيانا بالسيف، وما العجب في ذلك؟ ألم يأتكم
يوليوس قيصر بالسيف؟ أم أنه جاءكم بالحوار والديمقراطية؟ ألم يستعبدكم الفايكنكز
بالسيف، فكانوا يشربون النبيذ في جماجمكم؟ هل تأتون أنتم إلى الأمم الأخرى اليوم
بالديمقراطية وبحقوق الإنسان أم بالغزو وصواريخ كروز، والأسلحة التي تحوي
اليورانيوم، ومبدأ "فرّق تسد"؟ لمَ هذا حلال عليكم اليوم في القرن
الواحد والعشرين وتعتبرونه حراما على من كان يغزو في القرن السابع؟ يا هذا، نحن لم
نستعمل السيف لإدخالكم في الإسلام. أنتم طلبتم الدخول فيه طوعا، ونحن رفضناكم
لشعاثتكم.
أما
الفضل الأكبر في انتشار الإسلام بين النساء، قديما وحديثا، فيعود إلى فحولة
العربي. البدوي حيثما كان يحل كان بسمرته، وكبريائه، وفحولته، وشهامته يأسر قلوب
النساء، خاصة نساء مخلوقات مثل لورنس، ويصبح معبودهن، كما هي الحال عندكم اليوم في
انجلترا. ولو عدتَ إلى الخبث مجددا فكتبت بالفرنسية فلن يصبح وضعك أفضل لأني سأشير
عليك أن تقرأ مذكرات سيمون دي بوفوار فتعلم أني على حق، فقد تمنت سيمون أيضا لو
أنها كانت إمرأة عربية تتمتع بسطوة الرجل العربي البدوي. وحتى هذا الذي يكتب عن
البدو المقملين ما سبى البدو جداته وأدخلوهن في الإسلام عنوة. إنه يتوهم، فهن في
الحقيقة عشقن فحولة البدوي، وهمنَ بغرامه، وجينات البدو دخلت عبرهن في تكوينه،
ولكنْ، مع الأسف، لم تتغلب على جينات أجداد أمه الجبناء الذين أطلقوا أمام البدو
سيقانهم للريح، وتركوا نساءهم ليتذوقن طعم فحولة الصحراء.
وبالمناسبة،
أيها الحداثي المتحضر وأنت يا حفيد إليزابيث ولورنس، أذكركما بأن الله سبحانه منّ
على البدوي منة كبرى أخرى فجعل جلّ طعامه .. التمر. والحساب عندكما.
-أنا سليل البدو وأنتَ لورنس جدك - بقلم: د. عمر ظاهر (بتصرف)
--------------
* إلى أصدقائي الذين لهم علاقات ودية مع الانجليز: تذكروا أني من بلاد حمورابي، ومن قوانيننا "العين بالعين، والسنّ بالسن، والبادي أظلم".
* إلى أصدقائي الذين لهم علاقات ودية مع الانجليز: تذكروا أني من بلاد حمورابي، ومن قوانيننا "العين بالعين، والسنّ بالسن، والبادي أظلم".
تعليقات: 0
إرسال تعليق