طلاقٌ
سيِّدةٌ روتْ قصَّةَ طلاقِها في ذات مجلَّةٍ للقرّاءِ، أرادت السَّيِّدةُ
أنْ تجعلَ منْ تجربتِها درسًا للأزواجِ قالتْ:
بعد طلاقِنا بنحوِ سنتين التقيتْه صدفةً في سوقِ
المدينةِ، دعاني إلى فنجانِ قهوةٍ، تلعثمتُ ولستُ أدري كيفَ وافقتُ أنا التي كنتُ
أغضبُ كلَّما ذُكرَ اسمُه ... سألَني عنْ أخباري وسألتُه، تعاتبْنا قليلًا، حاولَ
كلانا جاهدًا أنْ يتذكَّرَ لماذا وقعَ الطَّلاقُ، كلانا فشلَ ... كلُّ الذي
تذكّرناه أنّني قلتُ له: لمْ تكنْ رقيقًا كعادتِك، كنتَ عُصابيًّا حادًّا تكادُ لا
تسمعُ ما أقولُ، كبُرَ عليَّ ذلك، أنتَ الذي كنتَ تفرشُ الأرضَ طاقاتٍ من
الياسمينِ كلّما سمعتَ اسمي. قالَ: وأنتِ لمْ تكوني هادئةً وديعةً كما أنتِ
دائمًا، كنتِ تردِّدين كلمةً واحدةً: "طلّقْني"، كبرَ عليَّ ذلك، أنتِ
التي كنتِ تجعلين الدّنيا جنَّةً في ناظريّ.
كلانا كان يسترقُ النَّظرَ إلى يديّ صاحبِه،
سعادةٌ عارمةٌ غشَّت الصَّدرَ منّي عندما لمْ ألمحْ أثرًا لخاتمٍ في يمناه أو
يسراه ينبئُ عنْ ارتباطٍ جديدٍ …. بريقٌ حلوٌ لمحتُه في عينيه عندما لمْ يرَ
خاتمًا في يدي، لا يشبهُه إلا ذيّاكَ البريقُ الذي رأيتُه في عينيْه يومَ باحَ لي
برغبتِه في الارتباطِ بي، فأسرْرتُ له بالموافقةِ، كادَ يطيرُ فرحًا.
احتسيْنا فنجانين من القهوةِ، وحينَ خرجْنا من
المقهى كنتُ أتأبَّطُ ذراعَه وقدْ عقدْنا العزمَ على الارتباطِ منْ جديدٍ.
ربَّما كانَ في كلامِ السَّيِّدةِ حلقةٌ مفقودةٌ
هي السَّببُ الحقيقيُّ للطَّلاقِ، هذه الحلقةُ سببُها أنَّ النّاسَ لا يقولون من
التَّفاصيلِ إلا ما يريدون – وهو حقُّهم على أيِّةِ حالٍ – وهو ما يدفعُنا إلى
السُّؤال: ما الذي يجعلُ نسبةَ الطَّلاقِ في العالمِ العربيِّ تصلُ إلى 25% أو
يزيدُ، أهو غيابُ الحبِّ فقط؟ وهل يعني ذلكَ أنَّ ال 75% الآخرين يذوبُ أحدُهما في
الآخرِ عِشقًا؟
ثمَّةَ مهاراتٌ وكفاياتٌ يحتاجُها الزواجُ
بالإضافةِ إلى الحبِّ غابتْ في زمنٍ يتَّسمُ بسرعةِ الإيقاعِ، وغلبةِ المادةِ على
الرّوحِ، على حسابِ قيمِ المودَّةِ والأمومةِ والانتماءِ للأسرةِ، على أنَّ
الطَّلاقَ يغدو ضرورةً إنْ كانَ استمرارًا في علاقةٍ بائسةٍ خاويةٍ منْ قيمِ
المودَّةِ والاحترامِ؛ فلا معنى للاستمرارِ – هنا- بحجَّةِ الدَّفاعِ عنْ كيانِ
الأسرةِ والأبناءِ الذين من حقهم أنْ يكونوا فخورين بوالديْن يحترمُ أحدُهما
صاحبَه...
ربَّما ذاكَ ما دفعَ تلكَ الفتاةَ البريطانيَّةَ
(ديمي بارنس) لابتكارِ فستانِ زفافٍ مصنوعٍ منْ 1500 قسيمةِ طلاقٍ! في رسالةٍ
مفادُها: صنعتُ من النِّهاياتِ أجملَ بدايةٍ...!!!
لستُ أدري لماذا أتبنَّى فكرةً تقاربُ اليقينَ
أنَّ كثيرًا من العلاقاتِ الزَّوجيَّةِ التي انتهت بالطَّلاقِ كانَ يمكنُ لها أنْ
تكونَ علاقاتٍ زوجيَّةً ناجحةً لوْ أنَّ الشَّريكين امتلكا قدْرًا من الصَّبرِ
والأناةِ في حوارِه مع صاحبِه.
قدْ تأكلُ نارُ الغضبِ ما حولَها وليس إلا الحكمةُ
بردًا وسلامًا لكثيرٍ من نارِ الخلافاتِ التي يمكنُ لها – بالتَّفاهمِ والصَّبر-
أن تغدو بُهارًا للحياةِ: لاذعٌ ولكنَّه لذيذٌ.
* امل المشايخ
تعليقات: 0
إرسال تعليق