المطلب الثاني
شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية
تكاد تتفق الدساتير المنظمة لنظرية
الظروف الاستثنائية إلى تقييدها بشروط معينة حتى لا تصبح النصوص المنظمة لها وسيلة
بيد السلطة التنفيذية لتحقيق مصالح شخصية هذا بالإضافة إلى إن تحديد مثل هذه
الشروط يعد وسيلة لتمييز هذه النظرية عن النظريات الأخرى التي
تحكم عمل الإدارة كنظرية أعمال السيادة ونظرية السلطة التنفيذية للإدارة وان مثل
هذه الشروط أو القيود نجد أساسها في الفقه الفرنسي الذي ذهب إلى تقيد هذه النظرية
وذلك بوضع الضوابط والشروط المحددة لها والتي هي على النحو التالي :-
أولاً: قيام الظرف الاستثنائي
ويتمثل هذا الظرف بوجود تهديد بخطر موجه
ضد الدولة وهو أهم الشروط اللازمة لقيام هذه النظرية وهذا الخطر الذي قد يكون داخلياً
كالكوارث الطبيعية الاقتصادية أو العصيان المسلح والمظاهرات غير المسلحة، وقد يكون
خارجياً كالحروب ويستقر الفقه على وجوب توافر وصفين في هذا الخطر وهما الجسامة
والحلول وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن الخطر يكون جسيماً إذا كان من غير الممكن دفعه
بالوسائل القانونية العادية فإذا أمكن دفعه بهذه الوسائل لا يعد جسيماً(18)،
أما بالنسبة لصفة الحلول فان الخطر الحال يعني أن تبلغ الأحداث أو الظروف حداً
تؤدي معه حالاً ومباشرة ً إلى المساس بالمصلحة موضوع الحماية (19)، ما
يعني وجود تهديد بخطر جسيم حال موجه ضد الدولة. (20)
ثانياً: استحالة مواجهة الظرف الاستثنائي بالطرق القانونية العادية :-
إن هذا الشرط يعني بأنه إذا ما حدث ظرف
استثنائي وكانت هناك قواعد قانونية أو دستورية قادرة على مواجهة هذا الظرف فانه
ينبغي اللجوء إلى هذه القاعدة أما إذا لم تكن هناك نصوص قانونية قادرة على مواجهة
هذا الظرف ففي هذه الحالة يجب اللجوء إلى نظام قانوني استثنائي لتفادي هذا الظرف
على أن يتم ذلك تحت رقابة القضاء الإداري وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي في
عام 1958 حين أكد على انه إذا كان الموقف الاجتماعي أو الاقتصادي الناتج عن الحرب
التي كانت دائرة في الهند الصينية بان السلطات والوسائل التي يملكها الحاكم بموجب
القوانين القائمة تكفي لمواجهة متطلبات هذا الموقف دون حاجة إلى أن يتجاوز نطاق
اختصاصاته المقررة في هذه القوانين (21)، وعلى هذا الأساس فان التصرف
أو الإجراء الصادر لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي يجب أن يكون مما تقتضيه الضرورة
القصوى وفي حدودها(22)، أي أن الضرورة تقدر بقدرها فإذا ما تجاوزت الإدارة
لهذا القدر فإنها تعرض نفسها للمسالة وتكون قراراتها عرضة للطعن أما القضاء بالإلغاء
أو التعويض.
ثالثاً:- أن يكون الهدف من النظام القانوني الاستثنائي تحقيق المصلحة العامة
إن شرط المصلحة العامة هو شرط جوهري في
كل الأعمال التي تصدر عن الإدارة سواء أكانت الظروف عادية أم استثنائية وان أي عمل
تتخذه الإدارة يجب إن يقصد به تحقيق مصلحة عامة وألا تكون الغاية منه الوصول إلى تحقيق إغراض شخصية (23)،
وان الإدارة يجب إن تهدف إلى دفع هذه الظروف ومواجهتها للمحافظة على كيان الجماعة
وهذا هو الهدف الخاص فإذا ما أخلت الإدارة واستعملت سلطتها الواسعة في أي هدف آخر
من أهداف المصلحة العامة كان تصرفها مشوباً بانحراف السلطة.
الهوامش
(18)- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، القانون الدستوري، الدار الجامعية، بيروت، 1983، ص 807.
(18)- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، القانون الدستوري، الدار الجامعية، بيروت، 1983، ص 807.
(19)
د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 106.
(20)
كاظم الجنابي، مصدر سابق، ص 25
(21)
نفس المصدر السابق، ص 26.
(22)
د. عبد الباقي نعمة عبد الله، الظروف الاستثنائية بين النظرية والتطبيق، بحث منشور
في مجلة العدالة العراقية، العدد 1- 2، س 6، 1980، ص 19.
(23)
د. مصطفى كامل، شرح القانون الإداري، بغداد، 1949، ص 37.
تعليقات: 0
إرسال تعليق