ثالثاً:نظرية الضبط الاجتماعي:
تفترض هذه النظرية أن الجريمة تحدث نتيجة لعدم
التوازن بين الدوافع نحو النشاط الإجرامي والضوابط الاجتماعية أو المادية التي
تعمل على ردع تلك الدوافع. ويرى ترافس هيرش أن هناك أربعة أنواع من الروابط التي
تربط الناس بالمجتمع والسلوك الممتثل للقانون وهى: الانتماء، الاعتقاد، الالتزام
والمشاركة, ويرى بعض منظرو الضبط أنه بدلاً من تغيير المجرم فإن السياسة الأفضل هي
إتباع إجراءات عملية للحد من مقدرة المجرم على ارتكاب الجريمة. أحد هذه الإجراءات
أو التقنيات ما يعرف بـتصعيب الهدف أي جعله صعب المنال للمجرم, تعمل هذه التقنية
على جعل حدوث الجريمة أمراً صعباً من خلال التدخل المباشر في مواضع الجريمة(الموقع
الرسمي للدكتور عمر عبد الجبار:دليل كتابة الأطروحة).
الضبط الاجتماعي يعني امتثال الفرد لمعايير المجتمع
الذي ينتمي إليه، ويتعلم الإنسان السلوك الانضباطي عن طريق التنشئة الاجتماعية .
فهناك القوانين أو المعايير الرسمية وغير الرسمية التي يجب على الفرد مراعاتها
واحترامها وإلا كان جزاؤه العقاب. لذلك هنالك ما يُعرف بالضبط الإيجابي والضبط السلبي,
يهدف الضبط الاجتماعي إلى تحقيق النظام والتكافل داخل الجماعة والمجتمع عن طريق
احترام كل ما هو متفق عليه من عادات وتقاليد وقيم ومعايير وقوانين رسمية, ويرى بعض
العلماء إن كل المشكلات الاجتماعية تتعلق بالضبط الاجتماعي لذلك يمكن القول إن عكس الضبط الاجتماعي هو
الانفلات، أو بالأحرى الانحراف الاجتماعي, لكل ثقافة وسائل ضبط اجتماعية خاصة بها
ربما تكون غير مقبولة بالنسبة لثقافة أخرى داخل الثقافات أو المجتمعات المركبة
والمعقدة توجد ثقافات فرعية، وجماعات، وفئات، ومؤسسات تختلف هي الأخرى فيما بينها في
الوسائل، مثل الجمعيات، النقابات، العائلات، المدارس، الجماعات الاجتماعية،
الطوائف، الأقليات ... الخ هذا ينطبق إلى حد كبير على الأقلية العربية في إسرائيل،
التي يتبنّى شبابها قيماً وعادات ومبادئ مغايرة للتي يسير عليها مجتمعهم ( آبائهم
) فهنا يحدث التصادم بين ما هو مقبول لدى فئة ( الآباء ) وما هو غير مقبول لدى فئة
أخرى ( الشباب ). وكلما كبر المجتمع العربي وتعقّد كلما ازداد التشرذم الاجتماعي
وتنوع الضبط واختلف من فئة إلى أخرى .الطبقات الاجتماعية لها خصائصها؛ فتصقل شخصية
أبنائها حسب الظروف التي تعيشها وحسب المكانة التي تتقلدها . فلكل أبناء طبقة
أسلوب حياة، عادات وتقاليد خاصة بهم يتناقلوها فيما بينهم عبر التنشئة الاجتماعية
. فسلوك وأسلوب حياة أبناء الطبقات العليا يختلف عن أبناء باقي الطبقات الأخرى ,هذا
الاختلاف في التربية وبناء الشخصية ضروري من أجل الحفاظ على التميز لكل طبقة وطبقة
اجتماعية . والضبط الاجتماعي هو أسلوب تنشئة لكل أبناء المجتمع مع نوع من الاختلاف
بين كل طبقة وطبقة اجتماعية. عندما انتقل المجتمع العربي الإسرائيلي من مجتمع
فلاحي إلى مجتمع عمالي – مدني أخذت تتبلور شرائح بل طبقات اجتماعية " جديدة
" ( مثقفون، عمال، سياسيون... الخ ) لها خصائصها الاجتماعية التي تميزها عن
بعضها البعض, من هنا أيضا يمكن تنبؤ اختلاف أساليب التنشئة الاجتماعية عند كل طبقة
وطبقة اجتماعية مما يعني بطريقة غير مباشرة اختلاف أساليب الضبط الاجتماعي
وبالتالي تنوع الشخصيات الاجتماعية ( المرجع في مصطلحات العلوم الاجتماعية، 418).
ويرى رواد هذه النظرية، انه من اجل منع الانحراف
الاجتماعي بين الأفراد لابد من اجتماع أربعة عناصر هي:
1ـ الرحم والقرابة: حيث أن
شعور الأفراد بصلاتهم الاجتماعية المتينة يقلل من فرص انحرافهم. فالفرد يشعر
بالمسؤولية الأخلاقية والإلزام العاطفي في اغلب الأحيان، تجاه عائلته وأصدقائه
وعشيرته. وهذه المسؤولية حكمها حكم القانون الاجتماعي في المجتمعات الإنسانية ، فأي
خرق لهذه القوانين الاجتماعية يؤدي إلى عزل الفرد المنتهك لحرمتها، اجتماعياً؛
وهذا العزل يعتبر عقوبة شخصية رادعة، لان المقاطعة الاجتماعية عقوبة قاهرة ضد
المنحرف. أما الأفراد الذين لا تربطهم صلة رحم أو قرابة بالآخرين، فهم اقل
اكتراثاً للمخاطر التي يترتب عليها ارتكاب الجرم أو الجناية، لان السرقة مثلا لا
تعرض التزاماتهم الاجتماعية للخطر، فإنهم ابتداء لا يلزمون أنفسهم بالالتزامات
الشخصية المعهودة بين الأفراد.
2ـ الانشغال الاجتماعي:
وهو انغماس الفرد في نشاطات اجتماعية سليمة تستهلك طاقته الفكرية والجسدية،
كالخطابة، والكتابة والهوايات الرياضية والرحلات وإدارة الجمعيات الخيرية. وهذا
الانشغال يقلل من فرص الانحراف. أما الأفراد الذين لا يملكون عملاً أو هواية
تستوعب أوقاتهم، فغالباً ما تنفتح لهم أبواب الانحراف.
3ـ الالتزام والمتعلقات:
وهو استثمار الأفراد أموالهم عن طريق شراء وتملك العقارات والمنافع والمصالح
التجارية. ولا شك أن مصلحة هؤلاء الأفراد المالية والتجارية تقتضي منهم دعم القانون
والنظام الاجتماعي. أما أولئك الذين لا يملكون داراً أو عقارا أو لا يستثمرون في
المجتمع أموالهم ولا أولادهم، فأنهم معرضون للانحراف أكثر من غيرهم.
4ـ الاعتقاد: وهو أن الأديان
عموماً تدعو معتنقيها إلى الالتزام بالقيم والمبادئ الخلقية. فالمؤمنون بالأديان السماوية
يحرمون على أنفسهم سرقة أموال الغير، لان هذه الأديان تأمرهم بالتكسب الشرعي
الحلال وبذلك تضمن لهم معيشة كريمة. ويقوم الدين أيضا بتهذيب السلوك الشخصي للإفراد
في كل مجالات الحياة الاجتماعية, وبالجملة، فان الأفراد الذين تربطهم الأواصر
الاجتماعية المتينة، وينغمسون في أعمالهم ونشاطاتهم
ويستثمرون في المجتمع أموالهم وأولادهم ويطبقون بكل إيمان أحكام دينهم، فهؤلاء
تتضاءل عندهم فرص الانحراف الاجتماعي، وتزداد من خلال سلوكهم فرص الاستقرار والثبات
على الخط الاجتماعي السليم (مقدم,2009م:99).من الملاحظات على النظرية هو عدم تطرقها للانحراف الذي يحدث
لأبناء الطبقة الغنية .
يمكن تحميل البحث كاملاً و بصيغة doc
الحـــــــــوادث المروريــــــــــة
الأسباب الاجتماعية , الآثار, الحلول