![]() |
mermaids-1871 |
حديقة ابيقور
ولد ابيقور في ساموس (341- 270 ق .م )من اب اثيني ووضع مذهبه الفلسفي المعروف باسمه وكتب حوالي (300 ) كتاب وعددا من الرسائل فقدت جميعها ووصلتنا مقتطفات من كتابه حول الطبيعة . كان غزير الإنتاج، ومعظم ما بقي من أعماله موجود في كتاب ديوجين اللايريتي lives of Eminent Philosophers، و نجد كتابات أخرى عند شيشرون، سينكا، بلوتارك وفي مواضع أخرى، لكن أكثر التصورات التي كتبت عن تعاليم أبيقور اكتمالاً وأمانة إنما نجده في القصيدة الوعظية اللاتينية العظيمة التي كتبها لوقريطيوس (نحو 100-55ب.م)
كان أبوه من سكان مقاطعة أتيكا، لكنه ارتحل إلى ساموس، حيث فلح قطعة صغيرة من الأرض وبنى مدرسة وبالتالي كان أول معلم لابنه، ولكن إذ لم يبقى لديه ما يعلمه إياه أرسله إلى تايوس ليدرس على نوزيفانس، تلميذ ديموقريطس. وذلك كان أصل المذهب الذري الذي نجده في الأبيقورية، والذي لم يكن له من هدف عند أبيقور سوى أن يكون أساسا ماديًا للنفس، وحتى لروحانية مذهبه.
انشا ابيقور مدرسته في اثينا حوالي عام 306 ق .م وكانت تسمى ( حديقة ابيقور ) . وكان تلامذته من الرجال والنساء اصحاب التعليم , يدرسون تعاليمه وممارسة حياة اللذة بحسب فلسفة ابيقور .
تاثر ابيقور بفلسفة ديمقريطس ونمت عنده فلسفة الشك بالاديان وبالفلسفات السابقة .
أهمٌ ما وصلنا من فلسفته يدور حول المسألة الخلقيٌة. وأطروحته الأساسيٌة تتمثٌل في أنٌ اللذٌة هيٌ الخير الأسمى وهي "غاية الحياة السٌعيدة". ويتأسٌس تصوٌر أبيقور للسٌعادة على تصوٌره للإنسان فباعتبار أنٌ الإنسان جسد و نفس فإنٌ سعادته تكمن في تحقيق الخير الملائم لطبيعة كليهما. والخير الملائم لطبيعة الجسد هو اللٌذٌة أماٌ الخير الملائم لطبيعة النٌفس فهي الطٌمأنينة . وبالتٌالي سيكون على الفلسفة الأبيقوريٌة أن تجيب عن السٌؤالين التٌاليين : كيف السٌبيل إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من اللٌذٌة؟ وكيف السٌبيل إلى تحقيق الطٌمأنينة؟
أمٌا عن السٌؤال الأوٌل فيجيب أبيقور أنٌ ذلك يتحقٌق بالإعتدال. إذ خلافا لما يعتقده البعض، ليست الأبيقوريٌة دعوة إلى التٌمتٌع باللٌذٌة في كلٌ الحالات ودون أيٌ شروط، ذلك أنٌ اللٌذٌة التي تحصل بإشباع الرٌغبات هيٌ لذٌة يخالطها الكثير من الألم والإفراط في طلبها لا يمكن أن يؤدٌي إلاٌ إلى التٌعاسة والهلاك. وفي الحقيقة يقدٌم أبيقور معنى جديدا للٌذٌة إذ اللٌذٌة عنده لا تكمن في إشباع الرٌغبة وإنٌما في غياب الرٌغبة وهي عندئذ غياب للألم الذي يصحبها.
قام ابيقور بتطوير مبدا اللذة وتجاوز المعنى الارضي الى المعنى العقلي والوجداني . فقد ادرك ان اللذة الحسية قصيرة العمر وتفضي الى الالم , ولذلك نادى الابيقوريون بالارتقاء عن اللذات المادية حتى لايكون هنالك قلق واضطراب .
أمٌ عن السٌؤال الثٌاني فيجيب أبيقور إنٌ ذلك يتحقٌق بالتٌخلٌص ممٌا يسبٌب اضطراب النٌفس والنٌفس تضطرب من الخوف من أمرين أساسيين : الآلهة والموت. ولا يستطيع الإنسان أن يتخلٌص من هذا الخوف إلاٌ بالوعي بلا مشروعيٌته في كلتا الحالتين. فبالنٌسبة للموت ليس هنالك ما يدعو إلى الخوف منه إذ الموت في الحقيقة أمر لا يهمٌ الأحياء. إذ بناء على أنٌ الموت هو نهاية فعلية للإنسان فلا يمكن للإنسان أن يواجهه "فعندما أوجد لايوجد الموت وعندما يكون الموت لن أكون موجودا" فلم الخوف إذا؟ أمٌا الآلهة فأبيقور لاينفي وجودها لكنٌه يعتبر أنٌ الكائن الكامل لا يهتمٌ إلاٌ بنفسه وبالتٌالي فإنها لاتهتم بشؤون البشر ومن ثمٌة فليس هنالك ما يدعونا إلى الخوف من عقابها.
وقد ادرك ان العقبة التي تعترض سعادة الانسان هي خوفه من الالهة ومن الحياة الاخرة . وان الفلسفة يمكنها ان تخلصنا من هذا الخوف .
يقول ابيقور:
أمٌا أنٌ الٌلذٌة خير فذلك أمر بديهيٌ يشعر به الإنسان كما يشعر أنٌ النٌار حارٌة وانٌ الثٌلج أبيض.
إنٌ اللٌذٌة هيٌ بداية الحياة السٌعيدة وغايتها.
بالنٌسبة لي لا يمكنني أن أتصوٌر ماهو خير إذا استبعدنا ملذٌات الطٌعام والحبٌ وكلٌ ما يمتٌع العين والأذن.
إنٌنا لا نبحث عن أيٌة لذٌة... ولا ينبغي أن نتجنٌب كلٌ ألم.
اللٌذٌة التي نقصدها هي التي تتميٌز بانعدام الألم في الجسد والإضطراب في الجسد.
وبمجرٌد أن تتحقٌق لنا هذه الحالة حتٌى تهدأ كلٌ عواصف النٌفس ولن يكون على الكائن الحيٌ أن يسعى إلى شيء ينقصه.
عندما أوجد لايوجد الموت وعندما يكون الموت لن أكون موجودا.
انتقد ابيقور المعرفة الارسطية . ادرك ابيقور ان الانسان يرى ان مشكلته الاساسية هي العمل على تحرير نفسه من القلق والاضطراب , فعليه ان يتجنب البحث عن وجود عقل في الكون .قام ابيقور بتحرير الانسان من خوفه الوهمي من الالهة , وهو لم ينكر وجودهم بل دورهم في الامور التي تخص الانسان , وجعل الالهة تعيش في بطالة دائمة واناط كل شيء بالمصادفة واعتبر الاجساد والارواح مجرد كتل وذرات , ويستلزم الموت في نظره انحلال الكتل . فليس بالتالي من حياة ثانية وبعث ونشور , ويجب ان يزول الرعب الذي توجهه الالهة .
"كان أبيقور على مدى حياته فيلسوفًا حكيما، معتدلا، عادلا...كان وحده بين الفلاسفة الذي كان جميع تلاميذه أصدقاءه، وكانت شيعته هي وحدها التي يسودها الحب، ولم تنقسم إلى عدة شيع أخرى" فولتير.
كانت الهيات ابيقور ضعيفة , فهو ليس ملحدا ولكنه كان يرى ان الالهة كائنات سعيدة مغتبطة تحيا في طمانينة , ولا يعكر صفوها شيء , لكننا نعتقد خطا ان هذه الالهة تهتم بشؤون البشر وتعلن عن مشيئتها بتقديم القرابين والنذور .
وهكذا يسلك ابيقور مسلك ارسطو عندما يقطع الصلة بين العالم المادي والبشري وبين العالم الالهي . كان ارسطو يرى ان الالهة لاتتدخل في عالمنا .
وهكذا يتوغل ابيقور في فهم عالم المادة اولا في حقل الطبيعيات ثم يتوغل في فهم عالم الانسان نفسه في حقل الاخلاق .
يرى ابيقور ان الانسان في بداية حياته وقبل ان تفسد ميوله , يطلب اللذة عند شعوره بالالم ,اوحاجته الى الجوع او العطش , وحالما يزول الالم لايعود يطلب شيئا .ان اعلى درجات اللذة هي كما تتعين بالطبيعة ان هي الا حذف الالم . ومتى حذف الالم امكن للذة ان تتنوع ,لكن ليس ان تزيد, لان اللذة الحقة هي لذة ساكنة .
نادت الابيقورية بالتحرر من الخوف والاستمتاع قدر الامكان بالحياة قبل الرحيل الى عوالم غير معروفة .
فيما يتعلق بفلسفته الطبيعية، يجادل أبيقور بأن :
(1) الكون يتكون من مادة وفراغ.
(2) تتكون المادة من جسيمات'ذرات' غير قابلة للهدم أو القسمة، تختلف في أشكالها و أحجامها، وتكون حال تجمعها كل الأشياء التي توجد .
(3) الذرات و حركتها هي الحقيقة المفردة النهائية بخصوص الكيفية التي تكون عليها الأشياء، غير أن كل ذرة عرضة "لاختلالات" لا يمكن التنبؤ بها تنجم عنها حركات عشوائية شاملة.
(4) ليست هناك ذرة تخلق أو تفنى من قبل قوة إلهية أو أية قوة أخرى .
(5) العالم سرمدي ويمتد إلى ما لا نهاية .
(6) كل تكتلات الذرات اتفاقية وذات ديمومة متناهية .
(7) يلزم وجود عوالم مغايرة لعالمنا الذي سوف يختفي في نهاية المطاف و ذلك نتاج حتمي للنقطتين السابقتين .
(8) الحياة مركبة ذرات غاية في الدقة تشكل الجسد والعقل في كينونة طبيعية مفردة ينتج عن موتها فناء محتم للشخص المعني.
(9) الآلهة خاملة وقصية، مقدسة وثابتة، ولكن "لا شيء نرجوه أو نخشاه منها" .
(10) في مثل هذا العالم يتحرر الإنسان من الخوف الخرافي: حرفيا، الموت لا يعني شيئا بالنسبة إليه. (11) ما يضمن الحياة الخيرة هو العطف والصداقة مع من هم حولك، الاعتدال في الشهوات، فرغم أنه لا شيء ممنوع، من يقيس رغباته بمعيار النفع ويحتاج إلى الحد الأدنى هو السعيد حقًا.
من اقوال ابيقور المأثورة :
لماذا أخاف من الموت ؟
فطالما انا موجود , فان الموت لا وجود له
وعندما يكون الموت , فأنى لست موجودا
فلماذا اخاف من ذلك الذى لا وجود له عندما أكون موجودا ؟؟
Why should I fear death? If I am, death is not. If death is, I am not. Why should I fear that which cannot exist when I do?
لو ان الالهة تنصت لصلاة البشر لهلكوا سريعا اجمعين , لانهم لا يتوقفون عن الصلاة التى يدعون فيها ان يصيب الشر بعضهم بعضا
If the gods listened to the prayers of men, all humankind would quickly perish since they constantly pray for many evils to befall one another.
لم أبالى ابدا بالعوام , لان ما اعرفه لا يوافقوننى عليه , وما يتفقون عليه لا اعرفه
I have never wished to cater to the crowd; for what I know they do not approve, and what they approve I do not know.