-->

هل صحيح أنّه " كلّه يكذب على كلّه "؟؟

يقال :                     

أنّ السحيجة والمنافقون يكذبون على الحكّام ويوهمونهم بأنّهم معبودي الشعوب , وأنّ المعارضة فئة قليلة منحرفة لا شأن لها ولا تأثير ........ ؟
وأنّ الأجهزة تكذب على الحاكم وتجعله في حالة رعب من شعبه , وتوهمه بأنّه لولاها لسحله الشعب بالشارع؟
وأن المخبرين يكذبون على تلك الأجهزة ويفترون على الناس لحسابات شخصية؟؟ والأجهزة تبارك ذلك الافتراء لتعزيز تلك الصورة المرعبة للشعب الحاقد على الحاكم!!؟؟
وأنّ الحكام يكذبون على دول الغرب بأنّه لولاهم لدكت سنابك خيل المجاهدين عواصم الغرب , ولآبوا بالنهاب وبالسبايا ,
وآبوا بالملوك مصفدينا!!؟؟؟؟

وأنّ دعاة ليبرالية وعلمانية يكذبون على الغرب وهيئاته بأنّهم يقومون بتطوير المجتمع , وتنويره وهم في الواقع يعتاشون
على ما تجود به تلك الدول والهئيات من دعم يأتي باسم المرأة والطفل , والمعاقين , والتعليم , وحتى الرفق بالحيوان؟؟

وأنّ أحزابا وشخصيات قومية تكذب على دول ذات شعارات قومية بأنّها تناضل من أجل إنجاز مشروع الوحدة العربية ,
وتهيء الناس لقبولها , وهم يقتاتون على ما يجود به عرسان الغفلة من القائمين على تلك الدول ............. ؟؟


وأنّ شخصيات ترفع شعارات إسلامية تتناغم مع إسلام (البترو - دولار) أو إسلام ولاية الفقيه من أجل الدعم الماديّ؟؟
وأنّ شخصيات تمثّل دور العلماء وتستغلها الفضائيات للدعاية لنفسها , وهي تتعامل مع الجمهور على قاعدة " ما يطلبه المستمعون " , وتمارس التضليل وتزييف الوعي ومسخ العقول باسم الدين؟؟ وتكذب على نفسها بأنّها تمارس الدعوة لله.

وأنّ أحزابا تعد بتحقيق المعجزات إن انتصر مشروعها , والقائمون عليها يكذبون على أتباعهم بأنّهم يقتربون من تحقيق الهدف ,وأنّ بشائر النصر قد أظلّت , والأمور لا تحتاج إلاّ إلى قليل من الصبر , ويبادلهم الأتباع نفس الكذب بأنّهم يخوضون المعركة باقتدار ويحققون الإنجاز تلو الإنجاز؟؟؟؟؟؟ وبين هؤلاء وأولئك يضيع المغفلون والساذجون ، وتضيع معهم الأمّة الحالمة بالخروج من جهنم هذه الحياة البائسة.

بإختصار يقال بأنّ الكلّ يمارس لعبة طائر المكاء الذي يسمّى باللسان الشعبي ( ملهي الرعيان ) وهو طائر بحجم الحمامة , "ويتميز بأنه ليلي المعيشة فيبقى في النهار على سطح الأرض خاملا لا يتحرك إلا إذا داهمه خطر فيطير لمسافة قصيرة ثم يحط فجأة وكأنه يسقط , ويكرر تلك العملية كلما طارده أحد, لكن ليس من السهل مسكه باليد. وبسبب هذا السلوك كان الرعاة يطمعون في صيده فيلاحقونه وينسون مهمة حراسة الماشية ولهذا أطلق عليه (ملهي الرعيان), وإذا استخدم هذا كمثل عامي فهو يضرب لوصف شخص, أو للانشغال بأمر, لا فائدة تجنى من ورائه على حساب إهمال ما هو أهم.والذي يخدع الرعيان فيجرون خلفه مسافات طويلة فيضيعون أغنامهم ." 

وخروجا عن النصّ فإنني اعترف بأنّ ملهي الرعيان خدعني طفلا , وجريت خلفه مسافة لا تقلّ عن ثلاث كلم , وأخفقت في صيده , وأخبرت والدي رحمه الله بما حصل معي , فأخبرني بقصتّه , ونظرا لأنّه نادر في أرضنا فإنني لم أشاهده إلاّ بعد حوالي ربع قرن فأراد أن يكرر تلك الخديعة فكان نصيبه رصاصة مزّقت أحشاءه , وشواه أحد الأصدقاء وأكله .

** لا أجزم بشيء مما ذكر , ولكن ألم يقل السيّد المسيح عليه السلام عن الدجاجلة والكذابين
 " بثمارهم تعرفونهم أو بثمارهم يعرفون
" !!

وهل نصل إلى نتيجة مفادها "بأنّ الكذب هو سيّد الموقف في جميع الأحوال , وجميع المستويات "؟؟

وهل هذا نوع من الكذب فريد؛ لأنّ حباله طويلة خلافا للكذب المعروف الذي حباله قصيرة؟؟ 
وهل سرّ طول حبال هذا الكذب؛ لأنّ الكلّ يعرف أنّه يكذب ويُكذَب عليه؟ فهو يعمل على قاعدة مشي لي وأمشي لك!!!!؟؟


ولكن هل هذا النوع الفريد من الكذب " يقلى بيضا "؟؟ لأنّ الكذب المعروف لا يقلى بيض كما يقال؟ وكما أثبت ذلك البرهان القطعي القائم على الواقع الملموس؟؟؟؟


إن صحّ كلّ ذلك فإنّ هذا الكذب لا يقلى بيض , ولكنّه يحرق مئات الملايين من البشر حتى يصبحوا رمادا تذروه الرياح!! ولو

 اقتصر على حرق البشر لهان , ولكنّه يدمّر الأرض ويستنزف خيراتها وكنوزها فيتركها قاعا صفصفا "يدخلها الفأر فيخرج
مصفّر الوجه!! " على حدّ تعبير أحد الإخوة؛ لأنّه لا يجد فيها عودا يمضغه!! أو لا يجد الذرّ فيها مقيلا على حدّ تعبير ذلك

الابن النجيب لذلك الرجل البخيل!!.

ابو الحارث المسلمي الصخري 

الثامن والعشرين من أيار 2014م




جديد قسم : Opinions