
لوحة مشهد البورصة لـ مارجريت نخلة
الاقتصاد الجزئي
ان دراسة الاقتصاد وتحليله تتناول العلاقات الاقتصادية المتشكلة في سياق النشاط الاقتصادي لانتاج وتوزيع واستهلاك المنتوجات. والنشاط الاقتصادي هو جملة من القرارات الاقتصادية التي تتخذ على مستوى جزئي (المؤسسة، الشركة، الافراد) وعلى مستوى كلي، أي على المستوى الاقتصادي الوطني. لذلك يمكن دراسة الاقتصاد على مستوى جزئي حيث يدرسه الاقتصاد الجزئي او على مستوى كلي حيث الاقتصاد الكلي.
1 –موضوع الاقتصاد الجزئي وخصوصيات طرقه:
يدرس الاقتصاد الجزئي العلاقات الاقتصادية بين البشر ويحدد القانونيات العامة لنشاطهم الاقتصادي. لكن من بين هذه العلاقات والمسائل الاقتصادية يدرس الاقتصاد الجزئي ذلك القسم منها المرتبط بالاستخدام العقلاني او الرشيد (الفعال) للموارد المحدودة. وفي هذا السياق فهو يدرس:
- السلوك الاقتصادي للناس. وهذا السلوك يتجلى عبر مؤسسات وبنى اجتماعية مثل السوق، الملكية، الدولة.
- اتخاذ القرارات وتنفيذ نشاطات اقتصادية محددة من قبل العملاء الاقتصاديين ويركز الاقتصاد الجزئي المعاصر الاهتمام على اتخاذ القرارات.
- كون اتخاذ القرارات يتم في اطار الخيار بين احتمالات بديلة فان الاقتصاد الجزئي ينطلق من محدودية الخيرات وندرتها. منها اهمية الموقف من الانفاق والنتائج في سياق النشاط الاقتصادي.
يستند الاقتصاد الجزئي الى مجموعة من المقدمات والفرضيات:
- الجزئية الاقتصادية وهذا يعني ان الاقتصاد الجزئي يركز اهتمامه على دراسة سلوك الوحدات الاقتصادية التي تتخذ قراراتها المستقلة وتنفذها في نشاطها الاقتصادي.
- السلوك العقلاني او الرشيد والذي يعني تحديد العملاء الاقتصاديين المنافع من اعمالهم والنفقات التي تتطلبها من اجل بلوغ هذه المنافع من اجل تعظيم هذه المنافع باقل ما يمكن من الانفاق من الموارد. ان المقارنة بين المنافع والنفقات يسمح بتحديد الافعال المثلى للعميل الاقتصادي في كل ظرف محدد. المنافع هي الخيرات التي يحصل عليها العميل في سياق نشاطه والنفقات هي الخيرات التي يتخلى عنها. اما عقلانية العميل الاقتصادي فتتلخص في تعظيم مداخيله من نشاطه.
من هنا فان موضوع الاقتصاد الجزئي هو اتخاذ القرارات من قبل العملاء الاقتصاديين المنفردين في ظل الخيارات الاقتصادية المختلفة.
2 - طرق التحليل في الاقتصاد الجزئي:
التحليل الحدي: مضمون هذا التحليل انه لا يأخذ الظاهرة في شكلها النهائي والمستقر وانما بشكل متغير دائماً، ولا يحلل المقادير الكلية او المتوسطة فقط وانما المقادير الحدية ايضاً، أي تغير المقادير الكلية وتناميها. وبالتالي فعلى العميل الاقتصادي العقلاني الاستمرار في البحث عن الحلول طالما المنفعة الحدية لم تتساو بعد مع النفقات الحدية، أي الى ان يعظم منفعته.
التحليل الوظيفي: والمقصود به تحديد ظاهرة او متغير ما ثم يهمنا تحديد العوامل المؤثرة عليه. بعد ذلك يحدد اسلوب ترابط المتغير والعوامل المؤثرة عليه أي تحديد الدالة.
المقارنة التوازنية: للظواهر والعمليات الاقتصادية. وهذا يعني سعي التحليل لدراسة وضعيات تكون فيها الظواهر واجزاؤها في حالة استقرار.
3 –تنسيق النشاط الاقتصادي: اذا ما نظرنا عبر مسألة اختيار الامكانيات البديلة في السلوك الاقتصادي وتوفير الموارد المحدودة الى المسائل الاقتصادية العامة نرى بأن الموضوع ينحصر في مسألة توزيع الخيرات الموارد المتوفرة على الحاجات المختلفة او على الاستخدامات المختلفة في الانتاج لذلك فان وضع الاقتصاد وتطوره يتعلق بحل هذه المسألة المركزية: توزيع الموارد على الاستخدامات المختلفة.
وهذه المسألة تطرح موضوع تفاعل العملاء الاقتصاديين فبعد ان يقوم كل عميل بخياره تبرز مسألة تنسيق نشاطات هؤلاء العملاء، أي التوفيق بين قرارات المنتجين، التوفيق بين قرارات المستهلكين، التوفيق بين قرارات الانتاج والاستهلاك.
في اقتصاد السوق تقوم السوق وآليتها بهذا التنسيق عبر آلية الاسعار. وتدرس مسألة التنسيق بواسطة موديل الدورة الاقتصادية ومويدل الطلب والعرض.
موديل الدورة الاقتصادية: يقسم هذا الموديل الاقتصاد الى قطاعين: القطاعات العائلية والشركات حيث تبيع القطاعات العائلية مواردها –العمل، الراسمال والارض –وتحصل على مداخيل تستخدمها لشراء السلع والخدمات من الشركات. اما الشركات فانها تستخدم مواردها المالية التي تحصل عليها من مبيع السلع والخدمات للحصول على الموارد من القطاعات العائلية لتكرار عملية الانتاج.
والقطاعات العائلية هي التي تقرر ماذا يستهلك وبالتالي ماذا ينتج. وهذه القرارات ينبغي ان تشكل اساس الخطط الانتاجية للشركات وعلى الشركات ان تنسق قراراتها في استخدام المواد المحدودة. وعلى القطاعات العائلية ان تحصل على الخيرات التي خططت لاستهلاكها.
موديل الطلب والعرض: في اقتصاد السوق يحل نوعان من الاسواق مهمة التنسيق: سوق الموارد الانتاجية وسوق السلع الاستهلاكية. عندما يتفاعل القطاعان بشأن البيع والشراء في سوق السلع يحدد هذا الموديل سعر وكمية السلع المباعة. وعندما يتفاعلان بشأن البيع والشراء في سوق الموارد فهما يحددان سعر وكمية الموارد.
في كل سوق يوجد عميلان الباعة والمشترون. اما التنسيق بين القرارات المتخذة في السوق يتأمن بالسعر التوازني والكمية التوازنية من كل سلعة.
يقدم السعر كنتيجة لتفاعل العرض والطلب معلومات مهمة ضرورية لتوفيق القرارات المتخذة من قبل القطاع العائلي والشركات. هذه المعلومات تلعب دوراً مهماً في حل مشكلة توزيع الموارد. من جهة تحدد الاسعار مستوى نفقات المستهلكين وتؤثر بذلك على خيارهم من جانب النفقات. من جهة اخرى يتعلق مقدار مداخيل المنتجين بالاسعار، وهذا يؤثر على خيارهم لجهة المنافع: ارتفاع سعر الخبز يعطي اشارة للمشترين بالحد من استهلاكه وللشركات بزيادة الانتاج لاعادة التوازن الى سوق الخبز.
ثم ان اسعار العمل، الراسمال والارض تحدد مداخيل اصحابها. لذلك فان نتيجة النشاط الاقتصادي التي تعبر عن مستوى الدخل تشكل اشارة تحفز كل واحد على اختيار نوع النشاط الذي تكون الجهود فيه اكثر انتاجية. ومجتمع السوق يكون قادراً على التكيف مع تغيرات النشاط الاقتصادي. ويتم هذا عبر تغيير الاهمية النسبية لمختلف انواع الخيرات. وهذا ما يسمى باليد الخفية.
يتضمن الاقتصاد الجزئي نظرية خيار (سلوك) المستهلك ونظرية الشركة. اما موضوعه فهو اتخاذ القرارات الاقتصادية على مستوى القطاع العائلي والشركات في الظروف الاقتصادية المختلفة. يأخذ الاقتصاد الجزئي كمعطى تلك المتغيرات التي يدرسها الاقتصاد الكلي.
تعليقات: 0
إرسال تعليق