-->
       برعم بدأ، لم تثمر أزهاره بعد، خمس عشر عاماً، حرق قلب امه، وأوجع عقل أبيه، أين ذهب، لماذا تأخر، هل حصل له مكروه، تكاثرت الأفكار والشكوك معاً، انشغل الجميع به. لا أحد يملك الإجابة الفصل ؟

 المدرسة، حتى المدير الذي عاد وافتتحها بعد نهاية الدوام الرسمي بحثا عنه، إذ قد تكون اغلقت عليه الأبواب ساعة غفلة. 

الجميع اشتغلوا عن بكرة أبيهم بحثاً، في المستشفيات، في الشوارع، في الأماكن التي يرتادها ويتردد عليها، في المسجد الذي يصلى فيه، إمام الجامع، وشيوخه، سألوا عنه ؟ فلم يحالفهم الحظ، وبقيت قصة الشاب لغزاً، يدعو إلى الحزن.

تكاثرت الإتصالات، التي تسأل عن الطفل، لا جواب، لا خبر، أعُيت الجموع، فما كان منها إلا أن حولت الأمر إلى الجهات ذات الإختصاص، كونها الأقدر على إيجاد جواباً لما حصل.

 ام حزنى .... وإخوان مشدوهين .... حقاً، ما الذي حصل ؟ الجميع، ولساعات وضع يده على قلبه، وأخذ يدعو الله، وينتظر ؟

الجهات الأمنية قامت بعملها، إذ عممت على اسم الطفل، أوصافه، وماذا يلبس، بات الطفل مرصودا على مداخل الحدود، بعد حين من الزمن، فتح الطفل هاتفه الخلوي الذي كان بحوزته مغلقاً، وأذ بقوات حرس الحدود الأردنية ممسكه به، ومتحفظة عليه. بعدما حاول التسلل إلى داخل الحدود السورية، بحجة الجهاد في سبيل الله، وكأن من هو بعمره مطلوباً منه، القيام بهذا الفعل، وكأن الإسلام لا ينتصر إلا بازهاق الأرواح !

يخرج من بيت ذويه حاملاً روحه على كفه، ميمماً وجه صوب سوريا للجهاد، وانتظار الحور العين، والجنة، كما قيل له !

يا اللهي ! 

من زرع في عقل طفل بهذا العمر، كل هذه المفاهيم، وكل هذه الصور، ما جعله يكره الحياة،  وهو مازال إلى الأن يتلقى مصروفه اليومي من ابيه. أهي مدارسنا، أم تراها مساجدنا، أم تراها أسرنا ! 

من علم الطفل، أن الجهاد فقط هناك في سورية، ولا يكون إلا فيها، لماذا حضرت سورية في عقول هؤلاء، وغابت فلسطين التي لا تبعد إلا خطوة من قلب عمان مثلاً، أليست القدس أولى من سواها.

ما هي الطريقة التي جعلت طفلاً بعمر ١٥ عاماً، يجمع أمره، ويترك أهله، ويتأثر بأقوال وتعاليم من غرر به، ضارباً بعرض الحائط كل شيء، ليذهب نصرة لسورية.  

هل استمع الطفل، إلى وجهات النظر الأخرى التي ترى في سورية مستنقعاً أممياً، اجبرت عليه الدولة، وما كانت ابداً ميداناً للتضحية بالنفس، هل فكر الولد من تلقاء نفسه، أم ووجه بفعل فاعل.

من الجاني، وهل يستوجب العقاب ؟
عاد الولد إلى أهله، لكن مازالت تسونامي الأسئلة تعلو، وتعلو.  

خالدعياصرة 

جديد قسم : ارشيف

إرسال تعليق